تأتي القيادة الإدارية لتمثل إحدى الوظائف الإدارية المهمة في المنظمات، حيث تمثل في جوهرها العنصر الإنساني الذي يقود التنظيم ويحقق فيه التنسيق بين وحداته وأعضائه، بهدف تأدية هذا التنظيم وظائفه على أكمل وجه. بالتالي فقد أصبح النظر يتوجّه إلى القيادة الفعّالة باعتبارها إحدى الخصائص الرئيسية التي يمكن بواسطتها الممايزة بين المنظمات الناجحة والمنظمات غير الناجحة. لذلك ذهب كثير من علماء الإدارة إلى القول بأنّ القيادة هي جوهر العملية الإدارية، وأنّ أهميتها ومكانتها نابعتان من كونها تقوم بدور أساسي يؤثر في كل جوانب العملية الإدارية، فهي تجعل الإدارة أكثر ديناميكية وفاعلية وتعمل كأداة محرِّكة لتحقيق أهدافها.
وإنّ نجاح القيادة في تحقيق أهدافها يتوقف – فيما يتوقف – على نجاح القائد في كيفية إدارة منظمته، والصفات القيادية التي تتمثل في شخصيته، وقدرته على توظيف إمكاناته نحو العمل البنّاء من أجل بناء علاقات إنسانية إيجابية مع مرؤوسيه، وتحفيزهم على العطاء المستمر. لهذا نجد أنّ الباحثين أكدوا على ضرورة توجيه العناية الكافية للعناصر القيادية، ليس لمجرّد وضع السياسة الإدارية وتنفيذها، لكن للمحافظة على كيان المنظمة بأكمله.
من هذا المنطلق نجد أنّ الخبراء يجتهدون في تحديد المقومات الواجب توافرها في القائد ليكون صالحًا لممارسة وظيفة القيادة، وهنا في هذا المجال أود التركيز على عدد من المقوّمات التي أجدها أساسية في تكوين أسلوب القيادة، الناجحة والمناسبة لكل عملية قيادية، وهي:
1- مشاركة المرؤوسين في تحديد الهدف وممارسة السلطة:
ويعني ذلك أنّ تحقيق الهدف يتم عن طريق المرؤوسين؛ حيث إن القائد يحصل عن طريقهم على الأهداف التي يريد الوصول إليها؛ لأنّ القرار إذا تم فرضه على الأفراد دون أن يكون لهم رأي فيه، فإنه من الصعب أن يتوافر لديهم الدافع الذاتي مما يؤدي إلى تزايد الإهمال، لهذا يجب على القائد أن يفتح المجال أمام مرؤوسيه لمشاركته في تحديد الأهداف وفي اتخاذ القرار.
2- إشاعة العلاقات الحسنة بين أفراد والجماعة:
بمعنى أن يعمل القائد على تحسين جو العمل، وإزالة أسباب الخلاف التي قد تنشأ بين الجماعة، ومع أنّ هذا الأمر ليس من صُلب مهمات القائد، إلاّ أنه يجب أن يبقى أساسًا لسياسته.
3- المعاملة العادلة لأفراد الجماعة:
فيجب على القائد أن يعمل على تحقيق العدالة بين جمع الأفراد، حيث يولِّد ذلك لديهم الشعور بالمساواة، ليس في الأجور فحسب، إنما في منح السلطات وتحديد المسؤوليات أيضًا.
4- تحقيق المصالح الخاصة للأفراد، دون الإضرار بالمنظمة:
فيجب على القائد العمل على تحقيق مصالح الأفراد، وإلا فقد محبة مرؤوسيه، حيث إن رغبة الأفراد في التعاون مع قائدهم تتوقف على مدى قدرة القائد في العمل على ضمان مصالحهم الخاصة، وإذا كان ثمة تعارض بين مصالح الأفراد ومصالح المنظمة، فعليه أن يعمل بحرفية القائد على التوفيق بين الطرفين.
في الختام، ما أود قوله إن واقع القيادة وجوهرها إذًا هي تلك القدرة التي يستأثر بها القائد في التأثير على الآخرين، وتوجيههم بطريقة معينة يتسنى معها كسب طاعتهم واحترامهم وولائهم وخلق تعاون بينهم، في سبيل تحقيق أهدافهم وأهداف المنظمة، فهي نوع من العلاقة بين القائد والعاملين باعتبارهم جماعة متكاملة، وأفرادًا لهم رغبات وحاجات.