إن الله خلق الخلق، وكرم الإنسان وفضله على من خلق تفضيلا، وحمله الأمانة، وكلفه عمارة الأرض، قال الله تعالى: ﴿ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ﴾ [هود: 61]، والمقصود بالاستعمار هنا عمارة الكون وإنمائه واستغلال كنوزه وثرواته، وفق أمر الله ومقاصده.
وبهذا نعلم أن تنمية الأوطان والنهوض بها مطلب شرعي فضلا عن كونه مطلبا فطريا، فالخالق سبحانه وتعالى جعل لنا الأرض ذلولا، وقال: ﴿ فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ﴾ [الملك: 15] فقد سخرها لنا ويسر لنا إعمارها من جميع النواحي الحسية والمعنوية؛ بالقيام بكل ما فيه صلاح البلاد والعباد.
وحيث إن الإنسان هو مبدأ عملية التنمية ومنتهاها، فقد كان نقطة الارتكاز في عملية إعمار الوطن ونهضته.
ومن أجل بناء هذا الإنسان القادر على إعمار الوطن وإنمائه، فإنه يتعين أن نتحرك حول محورين متوازيين: الأول التربية، والثاني التهيئة.
وبهذين المحورين يمكننا بناء المواطن الصالح الذي يعوَل عليه في بناء الوطن وعمارته.
بيد أن التركيز على أحد هذين المحورين دون الآخر يفرز لنا اختلالا واضحا في المخرجات، وحينها سنجد المواطن الصالح في نفسه غير فاعل في بناء وطنه، بل قد يكون حجر عثرة في ذلك، بالمقابل قد نجد مواطنا فاعلا منتجا، لكنه يبني وطنه على غير ما أراد الله سبحانه وتعالى.
وهذان المحوران هما لب اختصاص الجهات التربوية والتعليمية في بلادنا الغالية، إلا أن دور تلك الجهات يبقى محدودا مقارنة مع دور الأسرة المنوط بها تربية أبنائها منذ نعومة أظفارهم على حب الوطن واستشعار ما له عليهم من الحقوق والواجبات، ما يحفزهم للإسهام الفاعل في بنائه والحفاظ على مكتسباته.
وبذلك نوقد المشاعر ونستثير الهمم للمشاركة في بناء هذا الوطن في مختلف المجالات، ومواصلة مسيرة الأسلاف، مغلبين مصلحة الوطن على كل اعتبار شخصي.
إن الجهود الخيرة في مسيرة الإنسان السعودي، لن تنال منها محاولات يائسة من بعض مجموعات مغرَر بها، دست في ثنايا المجتمع، وقد باتت أساليبها الممقوتة ممجوجة في واقعها المشين وفكرها المنحرف.
إن المواطن لن يألوَ جهدا في حماية إنجازاته بمفهوم متحضر واع يتلاءم مع ما ترسخ في فكره ووجدانه من تعاليم إسلامية عظيمة كانت أساسا لبناء هذا الصرح الشامخ الذي وجد بها، وبها يستمر.
إن متابعة القيادة السعودية لبناء الإنسان، ووقوف المواطن بوعي خلف هذه القيادة الحكيمة، سيثمر – بلا ريب – قطافا يانعا في تحقيق آمال الوطن والمواطن، وفق خطة متكاملة، ومنهج قويم مستمد من شريعتنا الإسلامية الغراء.