يكثر الحديث عن القيم وأهميتها البالغة في حياة الفرد والجماعات، لما لها من ارتباط وثيق وتأثير مباشر على سلوك الفرد وأهدافه، فهو يبذل جهداً متناسباً مع قيمة الهدف الذي يسعى إلى تحقيقه، والمعني بالقيمة هنا مدى تقدير هذا الفرد واهتمامه – من خلال المعايير الثابتة لديه وخبرته المتراكمة – بهذا الهدف، الأمر الذي يُشعره أن لديه مبررات خلقية أكيدة، ودواع منطقية قوية تلزمه العمل على تحقيق ذلك الهدف، فالقيم ليست – بهذا الاعتبار – سوى موجهات عامة للسلوك ومرجعيات يلتزم بها الأفراد عندما يتبنون سلوكاً معيناً.
فهي تحدد ما يعتبره الفرد صواباً أو “أخلاقياً”. وتزوده بالمعايير التي يسترشد بها في حياته اليومية، وتساعده في تشكل توجهاته في مختلف القضايا. ولا نغفل دور القيم التي يتبناها الفرد في التأثير على اختيار الأشخاص الذين يتفاعل معهم لتحقيق أهدافه. وبالجملة فإن للقيم العامة لدى الفرد تأثير قوي على تحديد أهداف الفرد، واعتماده سلوكيات تحقق ذلك.
ونحن في العمل داخل المنظمات نعتمد قيماً تشكل بدورها جزءاً من القيم العامة التي نمتلكها يطلق عليها قيم العمل، وهي مجموعة من الموجهات السلوكية التي تحدد سلوك الفرد في عمله من حيث اختياره لهذا العمل، وأهدافه منه، وأدائه له، وتحقيقه لنتائجه، ومن تلك القيم: النزاهة في العمل والصدق والأمانة والإخلاص والولاء وحسن الإنجاز وغيرها… وإن جميعها مؤثر – ولا شك – على السلوك والأداء الكلي للعاملين. وتأسيساً عليه، فإننا لو أردنا أن نفسر تصرفات وسلوكيات وظيفية فإنه يتعين علينا البحث عن الدوافع لذلك وتفهّم مجموعة القيم التي تحكم مثل هذا السلوك ومحاولة السيطرة عليه بغية تحقيق الأهداف ضمن قيم صحية تنعكس سلوكيات صحيحة.
وهكذا فإن الفرد يخضع أثناء أدائه لعمله لتوجهات قيمية هي التي تحدد أشكال الأداء والنتائج، لذا، فإنه يتعين علينا – كممارسين للإدارة – إذا أردنا أن نكوِّن فهماً دقيقاً لمشاكل العمل والصراعات بين العاملين، وعوائق الاتصال بينهم، وانخفاض الروح المعنوية لديهم، ومعدلات الأداء العام، وغيرها من مشاكل العمل: أن نبدأ أولاً بتحديد قيم العمل داخل منظماتنا، ومن ثمّ تحديد مدى تكاملها مع القيم التي يلتزم بها مرؤوسينا، عندها يمكننا تجنب عدد كبير من مشاكل العمل، ما يساعدنا في وضع نظام فعال لعملية الاختيار، وذلك من خلال التوفيق بين قيم الفرد ومتطلبات الوظيفة لتحقيق أهداف المنظمة. فالأهداف مرتبطة بنوعية القيم التي تدفع إليها، مع حرصنا على أن تكون هذه القيمة أخلاقية لتكون الأهداف مقبولة.
المادة باللغة الإنجليزية