هل يمكن لأي إنسان، سواء كان عادياً أم موظفاً في الدولة أم في القطاع الخاص، أن يصبح إدارياً ناجحاً؟ الجواب بالإيجاب، وذلك عند توافر شرطين أساسيين:
الأول: توافر الاستعداد الذاتي أو الرغبة لدى الفرد في أن يصبح إدارياً.
الثاني: أن يمتلك ذلك الفرد جملة مهارات إدارة ذات طبيعة علمية، عليه أن يستوعبها استيعاباً ممتازاً ليسهل عليه تطبيقها.
وأسارع إلى القول إن هذين الشرطين متكاملان، إذ لا غنى لأحدهما عن الآخر, وإن تحقيق شرط دون الآخر يخل ولا شك بالمعادلة، حيث لا يمكن أن نتصور أداءً ناجحاً وجيداً بوجود المقدرة مع عدم الرغبة، وعكس ذلك صحيح. لذلك يجب على الفرد أن يسعى إلى تحقيق الطرفين معاً لضمان المستوى المطلوب من الأداء الإداري، وذلك من خلال الوعي التام لبعض الحقائق, ومن أهمها:
• الإدارة هي علم وفن، هي نظرية وتطبيق، هي فن تطبيق العلم، هي دراسة وممارسة انطلقت من العلم وطبقت بفن.
• الضرورة العلمية للإداري الناجح هي أن يتعرف على الوظائف الإدارية المكونة للعملية الإدارية، والتي اختلف علماء الإدارة والباحثون في تعدادها إلا أن الحد الأدنى المتفق عليه بين هؤلاء هو أربع وظائف هي: (التخطيط، التنظيم، التوجيه، الرقابة).
• الفرد المناسب في العمل الملائم في الوقت المحدد: مبدأ يطبق من خلال توصيف وتصنيف الوظائف والأعمال، وبالتالي الاختيار وفق معايير علمية موضوعية، بعيداً عن المؤثرات بأشكالها المختلفة.
• الوقت عنصر من عناصر الإنتاج إلا أنه عنصر غير قابل للتخزين، فما مضى منه لا يمكن استرجاعه, وبالتالي فهو جوهر عمل الإداري الناجح الذي يفترض به حسن إدارة الوقت مع رصد جميع مجالات هدره وضياعه.
• الإدارة الناجحة هي الإدارة التي تدمج بين الكفاءة والفاعلية, فالكفاءة هي حسن استخدام موارد المنظّمة بأنواعها البشرية والمادية والمالية. أما الفاعلية في عمل المنظّمة فتعني أنها قادرة على تحقيق أهدافها المرسومة. فالكفاءة والفاعلية هما باختصار قيام الإدارة بأداء الأعمال الصحيحة بطريقة صحيحة.
يحتاج الإداري كي ينجح في عمله إلى جملة مهارات إنسانية تتمثل فيما يلي:
• الكفاءة الشخصية في تحمل المسؤولية واتخاذ القرارات التي تخدم المصلحة العامة ضمن حدود الواجبات والسلطات.
• القدرة على النقد الموضوعي واتصافه بالعدالة في تعامله مع الآخرين.
• أن يكون قدوة لمن يعملون معه في السلوك والالتزام.
• القدرة على الإقناع وإدارة النقاش والحوار.
• الثقة بالنفس وبقدرة الآخرين.
• توافر القدرة على تكوين العلاقات الإنسانية مع الآخرين.
• جملة من الصفات الشخصية منها: الصبر والتواضع والتفكير البنّاء المرن والاطلاع المستمر والقدرة على توضيح الأفكار والتمتع بروح وطنية وإيمان ديني عميق …
ثمة قيم أخلاقية يجب أن يؤمن بها الإداري ويطبقها ويعتاد عليها كسلوك ذاتي تلقائي من أبرزها:
• الالتزام بالسلوك النقي والتخلق بفضائل الاستقامة والأمانة .
• التحلي بأخلاقيات المروءة الإنسانية والحفاظ على أسرار موظفية.
• عدم اللجوء إلى استخدام معايير متباينة بتباين أفراد مجموعة إدارته.
• يحتاج الإداري الناجح إلى قدر من التعمق بالثقافة العلمية والاجتماعية والإنسانية . فالثقافة تتيح له فهم وإدراك الواقع الإداري بجميع عناصره وخصائصه ومتغيراته، وذلك بغرض إيجاد أفضل الطرق والأساليب والآليات لتحويل الواقع الذي يعيشه إلى واقع أفضل، ومن ثمّ يتعين على الإداري الناجح التعوّد على التثقيف الذاتي المنهجي وذلك لاستيعاب الأسس الواقعية للإدارة الناجحة، والتنظيم الإداري السليم، وتنفيذ أهداف المنظمة على نحو أدق، وفي وقت أقصر، وبكلفة أقل.
• يجب أن يتمتع الإداري بجملة من المهارات الإدارية، فالإدارة ليست منظومة واحدة وإنما مجموعة منظومات متعلقة بالاتصالات، وإدارة الاجتماعات، والحوافز، والتأديب، والمعلومات، والعلاقات العامة، وصنع القرارات الإدارية، وغير ذلك من المنظومات التي تشكل قلب الإدارة النابض.
• الإداري الناجح هو أيضاً القائد الذي حاز على ثقة موظفيه وآمن بقدراتهم, وإن المشورة واحترام آراءه الآخرين هي من أبرز الوسائل التي يمكن أن تصنع من الإداري قائداً، فمن خلال ممارسته النقد الموضوعي، والحوار الحر، وحب معرفة الحقيقة، يتم صنع القيادة.
صفوة القول في هذا الشأن أن الوقت يمضي سواء في إنجازات مثمرة أو بهدره دون طائل، وهناك العديد من الإداريين الذين يحلو لهم العيش في برج عاجي اعتقاداً منهم أن من يمتلك السلطة يسمح له بما لا يسمح لغيره، وهذا سوف يبقى سجين سلوكياته واعتقاداته ولن يتقدم خطوة واحدة، وإذا ما انتهى فلن يبق له ذكر يذكر به.
فالإداري الناجح هو أنموذج الإنسان الصحيح، الذي يهمه الصالح العام ويقود العمل كربان سفينة هدفه إيصالها إلى بر الأمان.
المادة باللغة العربية